السبت، 25 أبريل 2009

نحو جالديران جديدة


نحو جالديران جديدة

أبناء العثمانيين وأبناء الصفويين.. وعودة إلى بدء

المشهد التاريخي المعاصر لا يختلف كثيرا عن إرهاصات المشهد التاريخي للصراع العثماني الصفوي في بداية القرن السادس عشر، وبالتحديد حينما أوقع العثمانيون بقيادة القائد الفذ سليم الأول الهزيمة الثقيلة في صحراء جالديران بجيوش الصفويين، ليهرب اسماعيل الصفوي تاركا في الأسر نخبة من قواد جيشه. ويدخل السلطان سليم الأول تبريز السنية الأصل ويرفع عنها ظلم التشييع الجبري.

فإيران التي كانت سنية بحكم انتشار الإسلام وفتحها على يد الفاتح المسلم سعد بن أبي وقاص، الذي اعاد الله على يديه بلاد العراق بعد أن كان الفرس يحتلونها وبعد أحداث معركة الجسر التي هزم الفرس فيها المسلمين وقتلوا اربعة آلاف مسلم، كانت معركة القادسية التي مهدت لدخول المدائن عاصمة الفرس ومقر إيوان كسرى، وتلتها معركة نهاوند التي كانت معركة القضاء على ملك الفرس و أدخلت بلاد الفرس تحت مظلة الإسلام، غير أن قلوبا فارسية لم تزل تدين بالمجوسية وتكيد للإسلام فيما سموا بالزنادقة.

ظلت فارس (إيران) دولة مسلمة سنية منذ فتح فارس عام 637 ميلادية (16 هجرية) حتى عام 1502 ميلادية، أي قرابة تسعة قرون، حتى تم تتويج اسماعيل الصفوي ملكا على إيران عام 1502م ليعلن إيران دولة شيعية ويفرض المذهب الشيعي بالقوة، ويأمر بالأذان الشيعي والشهادة الشيعية (أشهد أن علياً ولي الله) وتغيير حي على الصلاة / الفلاح (حي على خير العمل). ويجبر الإيرانيين على المذهب الشيعي ولا سيما أهل تبريز التي اتخذها عاصمة له.

وتتمثل المميزات الأساسية للمشهد التاريخي القديم في:

1- إيران دولة شيعية صفوية ذات أطماع توسعية على حساب المنطقة السنية

2- إيران تسيطر على جارتها العراق

3- إيران تسعى إلى تصدير المذهب لسني إلى المنطقة السنية لأهداف توسعية

4- تعدي إيران على جاراتها السنية وظهور خطر صفوي على لمنطقة السنية العربية

5- مرور المنطقة العربية بأزمة وتعرض الإسلام لغزو خارجي (مركزه العراق) يقطع أوصال المنطقة واستمرار آثار هذا الغزو وتداعياته على المنطقة.

6- فرقة العالم الإسلامي وضعف إرادة الحكام، وحاجة العالم الإسلامي إلى قوة تجديد حقيقية، تحشد إرادة المسلمين وتعيد لهم مكانتهم.

7- عدم ترشح أي قوة عربية بشكل حقيقي للعب دور الموحد لأشلاء الخلافة الممزقة

8- بداية ظهور الأمة التركية كقوة أساسية سنية في مواجهة التوغل الشيعي، وظهور بوادر الإصطدام بين القوتين.

9- تقرب تركيا إلى المنطقة العربية لتقوية البعد الإستراتيجي للصراع الموشك، وترحيب العرب بذلك لما يعانونه من ضعف أمام إمكانات التوغل الشيعي المدعوم من قوى غير إسلامية. وسعي هذه القوى إلى قلب الطاولة الإسلامية وتجنب الصراع المباشر مع المسلمين، وضربهم بعضهم ببعض.

10- تنحي مصر (تحت حكم المماليك) عن دورها الإقليمي، وضعف تأثيرها وفقدانها لميزة الحشد الشعبي للعرب والمسلمين، ودخولها في مرحلة ترهل إقتصادي واجتماعي واضح. وتآكل دولة المماليك ودخولها في مرحلة الإنتهاء.

وبدراسة هذه المميزات فلن نجد سوى فوارق شكلية بين المشهد القديم لما قبيل الصراع السني الشيعي، يتمثل في أشكال الحكم العربية، وطبيعة العلاقات فيما بينها. بينما نجد فارقاً أساسيا واحدا وهو وجود ممثل الحركة الصهيونية كمحتل لأرض فلسطين، ولعبه دوراً أساسيا في تأليب القوى الإسلامية بعضها على البعض، وتهديد الأمن القومي العربي والنخر في عظامه من خلال الطبقة الحاكمة على مختلف أشكالها في الوطن العربي. هذا فضلاً أفكار عنصرية تقسم المسلمين إلى أجناس، مثل فكرة القومية العربية والتي كانت السبب الأساسي في تقليم أظافر الخلافة العثمانية تمهيداً للقضاء عليها وتحديد إقامة الأمة التركية في حدود تركيا المعاصرة، وإذلالها.

ويبدوا أن عوامل التشابه بين الماضي والحاضر قد بدأت تتشابك لتغطي الخريطة السياسية والعسكريةن تمهيدا لدورة أخرى من التاريخ الذي لا يفتؤ يعيد نفسه. وها هو رئيس تركيا يعلن عودة الروح إلى الأمة التركية التي خرجت في الشوارع تنفي عن نفسها أن تكون نتاجاً لكيان لقيط هو حزب الإتحاد والترقي، وإنما هم أولاد العثمانيين.

ليست هناك تعليقات: