السبت، 25 أبريل 2009

اعطُــوا اليـَــهُودَ حُقوقَهم....!!!







اعطُــوا اليـَــهُودَ حُقوقَهم....!!!

مصر العزيزة الأبية مدينة لليهود ربما بالكثير...!!! فهم قد خرجوا منها مرتين أو أُخرِجوا، ومنهم من كان بريئاً لا ذنب له غير أنه يهودي الأصل، واليهودية ديانة أقر لها الإسلام حقوقاً وأدخلها في ذمة المسلمين. وليس هناك من مسلم يمكنه أن ينكر حقوق أهل الذمة، سواء كانوا قبطاً أو يهوداً. فهم أصحاب حقٍ في رقابنا، ولا يعني فقر الشعب في مصر أن مصر نفسها فقيرة، بل هي من أغنى بلدان الأرض وهي أكثرها تعرضاً للنهب والتخريب. فأموال المصريين تُنهب منذ أن انفصلت عن الخلافة العثمانية وتحكمت فيها ملوك سارقة ورئاسات مارقة. وكان اليهود يعيشون في كنف المصريين حتى الخروج الثاني، ولا يزال بعض المصريين يذكرون علاقات طيبة مع بعضهم، ولولا عادات اليهود الصارمة في الزواج لاختلطت الأنساب وذابت اليهود في مصر كما ذابت غيرها من الأجناس. فنحن منا المصريون ومنا الرومان الأصل ومنا العرب ومنا الترك ومنا حتى الفرنسيون والإنجليز الأصل، قد تم صهر ذلك كله في بوتقة مصر الحامية وتطاير عنه الخبث فظل في النهاية مصرياً أصيلاً.

ولكن الطبيعة التي وصم بها القرآنُ الكريمُ اليهودَ – وهو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - هي أنهم أكثر الناس عداوة للذين آمنوا، ويليهم في الترتيب: المشركون، وأنهم لن يرضوا عن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم – ومن ثم المسلمين – حتى يتبع ملَّتهم. واتباع الملة هنا ليس بالتهود وترك الإسلام فحسب، وإنما بجعل الولاية لليهود من دون الله.

واليهود وإن قل عددهم، غير أن وجودهم التاريخي قد فاق إلى حد كبير وجود الصينيين والهنود (نصف البشر تقريباَ)، وذلك لقربهم من مهابط الوحي وحدوث الإحتكاك التاريخي الذي سجلته الكتب السماوية المباركة، وأن عددا كبيرا من الأنبياء والرسل كان في بني إسرائيل الذين اختصوا باليهودية والمسيحية فتمسكوا بالأولى، ولفظوا الثانية وصدروها للأوربيين وغيرهم بغير حق وقد كانت مُنزَّلة عليهم ولهم. وكانوا أمة مفضلة على سائر الأمم، فعصَوا ربهم، فقلب الله التفضيل إلى لعنة، وجعل منهم القردة، والخنازير، وعَبَدَ الطاغوت، فانتهى نسل الأولى والثانية في الجيل الملعون، وتكاثر نسل الثالثة في سائر الأجيال التالية لذلك، حتى باتت مناصرة طواغيت الظلم والفساد علامة مميزة لتاريخ اليهود منذ عهد التوراة.

القصة الثانية لليهود في مصر:

" روى في تقرير مطول بعنوان: "يهود مصر" نشرته صحيفة "التقرير" الجنوب أفريقية في عددها الصادر أمس الأول، كيف استقبل الشعب المصري 14 ألف يهودي نزحوا إلى مصر أثناء الحرب العالمية الأولى، وشاركوهم العيش في أمان وطمأنينة وسلام، وكانوا يعاملون معاملة أهل البلد، لكن مع الشعور بخطر الحركة الصهيونية، تم ترحيل خمسة آلاف يهودي إلى فلسطين وبلاد الشام.


وأوضح أن الحكومة المصرية، وأثناء عملية نزوح اليهود إلى مصر أرسلت مندوبًا من وزارة الداخلية لدراسة أحوال اليهود اللاجئين واحتياجاتهم، وقابل إدجار ساويرس رئيس الطائفة اليهودية بالإسكندرية السلطان حسين كامل الذي تعاطف مع اللاجئين، وأمر بفتح مناطق القباري والبلدية ومبنى الحجر الصحي والمحافظة ومحطة الورديان بالإسكندرية لهم. كما أمر بصرف إعانة يومية وإقامه مدارس كان يدرس فيها الأطفال باللغة العبرية.

وأضاف أن اليهود حظوا بنفس الرعاية في عهد الملك فؤاد، حيث تولى وزارة المالية في مصر يوسف قطاوي باشا، وهو يهودي لاجئ ولم تقف مصر حائلا للطموح المالي لليهود المقيمين فيها، فظهرت أسماء رأسمالية تحكمت في الاقتصاد المصري مثل شيكوريل الذي أسس متاجر شيكوريل، وريكو الذي ساهم في تأسيس بنك مصر مع طلعت حرب باشا، وكذلك موسى قطاوي الذي أسس خط سكة حديد أسوان وشرق الدلتا وشركة ترام وسط الدلتا.

وأكد الكاتب أن اليهود كانوا يمارسون طقوسهم الدينية بحرية تامة إلى الحد الذي وافقت فيه السلطات المصرية على إنشاء أكثر من 80 معبدا لهم، 29 بالقاهرة، و20 بالإسكندرية، والباقي موزع على مختلف أنحاء البلاد، كما أصدر اليهود صحفا تعبر عن أفكارهم ومصالحهم منها مجلة "إسرائيل" التي صدرت بثلاث لغات ومجلة "إسرائيل مصر" التي صدرت بالفرنسية.

ورغم ما قدمته مصر لهم، يشير الكاتب إلى تنكرهم إلى مصر، ويدلل على ذلك بأعمالهم التخريبية في بداية العهد الجمهوري لمصر بعد الإطاحة بالملكية، مشيرًا إلى فضيحة "لافون" التي كانت تهدف وقتذاك إلى إحراج الحكم الثوري، وعرقلة أي اتفاق مصري بريطاني للجلاء عن مصر. وأشار إلى قيام اليهود بسلسلة تفجيرات عام 1954، حيث نسفوا مبنى البريد بالإسكندرية ووكالة الاستعلامات الأمريكية والمركز الثقافي الأمريكي بالقاهرة. ولفت إلى أن إسرائيل زرعت عشرات الجواسيس في مصر بهدف خلخلة أمنها ورصد الأوضاع الداخلية، ومن هؤلاء إيلي كوهين، باروخ مزراحي، شاكر فاخوري، فؤاد حمودة، خميس بيومي، زكي حبيب، توماس المصري، رجب عبد المعطي، يعقوب جاسم، سمير باسيلي انشراح موسى عزام عزام.

وذكر الكاتب أنه كان هناك عشرات الفنانين اليهود في مصر، منهم على سبيل المثال، ليلى مراد ونجمة إبراهيم وراقية إبراهيم وتوجو مزراحي وميمو رمسيس وكيتي، وأشار إلى "خيانة" راقية إبراهيم لمصر، بعد أن هاجرت إلى الولايات المتحدة، حيث عملت بقسم الاتصال والإعلام الخاص بالوفد الإسرائيلي بالأمم المتحدة. (المصدر: موقع أبناء مصر ttp://www.abna2masr.com). "

ولكن ماذا عن حقيقة الخروج الثاني لليهود من مصر؟

الواقع أن خروج اليهود الثاني من مصر كان في حقبتي الخمسينات والستينات، وكان ذلك بسبب رغبة اليهود في السفر إلى فلسطين جرياً وراء الدعاية الصهيونية التي تبشرهم بخلق وطن قومي لليهود في فلسطين. ولقد سافر معظم اليهود طائعين إلى فلسطين، وشأن من يفعل ذلك أنه يتصرف في سائر ماله، ويقوم بتسييل أصوله وممتلكاته، ثم ينزح سراً إلي فلسطين. وبعد تطور الأوضاع تم ترحيل 5000 يهودي خارج مصر، حطت رحال معظمهم في الشام وفلسطين، وقد كان هذا الترحيل خطأَ استراتيجيا كبيرا – لا نعرف مدى براءة الحكم الناصري من تعمده- يصب في مصلحة الصهيونية العالمية ومساعيها المستمرة لتكريس الإحتلال الصهيوني لفلسطين تحت غطاء دعاية أرض الميعاد اليهودية. والمعروف أن أرض الميعاد رواية حقيقية غير أن أصلها قد تم تزويره كسائر الحقائق التي تتناول التاريخ اليهودي. فلقد أقر القرآن تجمع اليهود قبيل الساعة (القيامة) تمهيداً لحسم الموقف التاريخي المؤجل لعقاب الله سبحانه لليهود علي إفسادهم في الرض مرتين، حين يأتي الله بهم لفيفاًً ، وكأنهم على موعد مع القدر. غير أن اليهود قد بدلوا القصة – وذلك مكر من الله تعالى بهم، والله خيرُ الماكرين- فجعلوا من تجمعهم بداية لعصر اليهود في ارض الميعاد – بزعمهم- والسيادة على كوكب الأرض برمته وتسخير غيرهم لخدمتهم – بسبب عقدة السخرة عند المصريين التي لا زالت تحرك بواطنهم- وأسموا ما عداهم بالجوييم، وهو تعبير عنصري يضع ما دون اليهود في مرتبة البهائم الضالة المستحقة للسخرة.

"حارة اليهود".. التي تقع بجوار شارع الموسكي الشهير في القاهرة، لم تكن أبدا حارة بالمعنى اللفظي للكلمة وإنما هي حي كامل به حوالي 360 حارة متصلة ببعضها البعض أي كانت بمثابة "جيتو" يهودي في مصر. هذه الحارة لم يبق ما يدل على اسمها سوى النجمة السداسية المصنوعة من الحديد على أبواب منازلها التي هجرها أصحابها اليهود، أو تلك المنقوشة بالحجر على مداخل تلك المنازل، أو تلك الأسماء التي تدل على يهودية صاحبها والمنقوشة على بعض المنازل مثل "موسى ليشع عازر 1922"، حتى أخر اليهوديات التي ما زالت على قيد الحياة لم يعد لها وجود بالحارة.


كانت حارة اليهود تضم 11 معبدا يهوديا، لم يتبق منها حاليا إلا ثلاثة معابد فقط، هم معبد ومقام موسى ابن ميمون، والذي بني بعد وفاة ابن ميمون الفيلسوف والطبيب اليهودي الشهير عام 1204، والذي كان أحد المقربين من السلطان صلاح الدين الأيوبي، وداخل المعبد سرداب يدخله الزائرون حفاة الأقدام إلى "الغرفة المقدسة"، التي رقد بها جثمان صاحب المعبد لمدة أسبوع قبل نقله إلى طبرية بفلسطين، والمعبد الثاني هو معبد "أبي حايم كابوسي" بدرب نصير، بالإضافة إلى معبد "بار يوحاي" بشارع السقالية.

وكان اليهود يتركزون في القاهرة والإسكندرية، كعادتهم في اختيار اماكن النفوذ السياسي والتجارة. وهم يعشقون القاهرة عشق اللصوص للذهب والألماس. وتحتل مصر في قلوبهم موقعا خاصاًً، فهم قد وفدوا عليها في القديم بضع عشرات حتى صاروا ألوفاًً نبتت أكتافهم من خيرها، وبدأ لهم منذ ذلك وجود في التاريخ (وإن كان تاريخهم أسوَداً)، ثم جاؤوها بعد ذلك حين ضاقت بهم الأرض ولفظتهم أوربا لرجسهم وقررت أن تجعل من أرض الإسلام مركزا لتلك النفاية، نكاية بتاريخ الإسلام الناصع الطاهر. واستضافتهم مصر في آلاف من النازحين اللاجئين المقهورين، فأعزتهم للمرة الثانية، وأحسنت ضيافتهم التاريخية، فما رعوها حق رعايتها، وأُُخرجوا منها بإثمهم ورَوَثِهم الذي بات يزكم أنوف المصريين الطـُـهر.

لقد فتحت لهم مصر أبواب التاريخ على مصراعيه، ةأصابوا فيها رزقاً وفيراًً حتى صاروا من الأغنياء، ثم رحلوا ورحلت أموالهم، ثم رُحِّلوا وبقت ديارهم خاوية على عروشها. واليوم لهم أن يستعيدوا مقابل تركتهم. وما ذلك بالكثير، فلم يتم ترحيل اكثر من 5000 آلاف من مجموع عشرين ألفا أو يزيد، ولم يكونوا ذوي مال يُذكر، اللهم غير بنايات كثيفة في حارات ضيقة، ولم يكونوا أهل إنفاق، فهم اليهود المشهورون بالبخل الشديد. فكم كانت ثروة هؤلاء الخمسة آلاف طريد؟ سنقول مائة ألف للواحد. فيكون نصف مليار دولار، ثم تزيد على مدي اربعين عاماًً، فتصل إلى مليار دولار أو حتى مليارين. هذا حقهم، ولسنا لنأكل حق أحد وإن جاؤونا عرايا فكسوناهم، وجوعى فاطعمناهم، ومشردين فآويناهم. ولكن ألا يكون من حقنا خصم الأضرار التي سببوها بجرائمهم قبيل ترحيلهم؟

إلى هنا ونحن ندفع ما علينا، فهل يدفعون ما عليهم؟ وما هو؟

إنه لكثير، وأكثر من أن يتحمله أحد على الإطلاق. إن السرقة الأولى وأكبر سرقة جماعية في التاريخ سجلها العهد القديم (التوراة). سفر الخروج من الإصحاح‏35‏ وفي الآيات من‏12:36‏، وفي نفس سفر الخورج وفي الإصحاح‏15:21,3-22. وفي توراتهم نفسها دليل إدانتهم، وفي القرآن الكريم الدليل الذي لا يملكون مدافعته. الذهب الذي به بنو العجل ذي الخوار: إلاههم الذي عبدوه من دون الله الذي أماتهم ثم احياهم، وشاهدوا ذلك بعينهم ولا يزالون يجادلون. فماذا كانت قصة ذلك الذهب؟ وهل كان كثيراً؟ هل يكفي لسداد هذا الدين الذي يطالبوننا به؟ هل يكفي لسداد ديون مصر التي تثقل عاتقنا؟ هل تكفي الحكومة التائهة لكي توزع رغيف الخبز بالمجان لألف سنة أو يزيد؟ أم أنه مجرد عجل حوليي صغير؟ أو ربما هو عجل من صفائح ذهبية لا يزن بضعة كيلوجرامات؟ إن الكيلوجرام الواحد من الذهب الآن أصبح يساوي أكثر من ثلاثين الف دولار أميركي. فكم طناً كانت تلك السرقة التاريخية المروعة، التي خرج لها فرعون بجيش قالوا إنه مليونان؟ راح كله بخيله ورجله جزاء محاربة النبي الكريم وتحدي الإله الواحد القهار. فجعله الله نكالا لما بين يديه وما خلفها وموعظة للمتقين.


حساب الحق الأول: "في الوقت الحاضر جار حساب الأمتعة الذهبية وغيرها وإذا افترضنا أن ما سرق هو طن واحد وأنه يتضاعف كل عشرين سنة إذا كانت الفائدة‏%5‏ سنويا فقط‏,‏ وحيث إن الطن هو حوالي‏700‏ كيلو جرام من الذهب الصافي.ـ لاحظ أن ما تمت سرقته هي مشغولات، أي مخلوطة بمعدن النحاس ـ علي الأقل فإنه يكون بعد ألف سنة حوالي‏1125898240‏ مليون طن أي ما يوازي‏1125898‏ مليار طن في الألف سنة بمعني آخر‏1125‏ تريليار طن ذهب أي مليون المليون طن ذهب بالنسبة للطن الواحد المسروق وفي الغالب أن الذهب المسروق يقدر بحوالي‏300‏ طن ذهب وذلك ليس فقط لمدة ألف ستة بل لـ‏5758‏ سنة وهو التقويم اليهودي ومن ثم تكون حسبة الدين كبيرة جدا‏.‏ إن 700 كيلوجرام من الذهب الخالص وحدها تساوي الآن نحو 30000*700*1000 أي حوالي 21,000,000,000 أي 21 مليار دولار أميركي، منذ 5758 سنة. "فهل ستنتظر الدول الدائنة على ديون مصر ألف سنة فقط حتى نكون ضمنا حكومة رشيدة على الأقل؟

حساب الحق الثاني: كان هذا هو أحد الحقوق المصرية لدى اليهود. والذي بدأ بدين أساسي (أصل الدَّين) أكثر من 21 بليونا من الدولارات (البليون = مليار = ألف مليون). وأما الحق الثاني فيتمثل في التعويضات التي يجب أن يدفعها اليهود الصهاينة إلى المصريين جراء ما سببوه من دمار وخسائر باعتداءاتهم على الأراضي المصرية والشعب المصري في الفترة من 1956 إلى 1973. وفقدان مصر في حروبها مع الكيان الصهيوني الغاشم قرابة 120 ألفاَ من المصريين، خلا الممتلكات والثروات التي ضاعت في حرب، يدرك القانون الدولي والتاريخ أنها إعتداء صريح على دولة ذات سيادة. فكم يكون التعويض عن ذلك؟ وهل يحق لإنجلترا وفرنسا التي ساندتاها في 1956، أو أميركا التي ساندتها في حرب 1967 وحرب 1973 أن يطالبونا بدين قبل أن يدفعوا لنا تعويضات عن المشاركة الفعلية واللوجيستية في حرب إعتداء على الأراضي المصرية؟

حساب الحق الثالث: تمكن الكيان الصهيوني اللقيط من احتلال أرض سيناء المصرية منذ منتصف 1967 إلى تسلم طابا سنة 1989واغتصاب ثرواته على مدى أكثر من عشرين عاما تعادل نصف الفترة التي قضاها اليهود في مصر بعد هروبهم من أوربا في نهاية الحرب العالمية الأولى (1914-1918) والتي كانوا من أشعلها بعد نجاحهم في اغتيال وريث العرش النمساوي "فرانز فرديناند" في (28 يونيو 1914) على يد صربي. فما هو التعويض عن احتلال هذه الأرض ونهب ثرواتها؟

حساب الحق الرابع: يدعي أدعياء سوء بأن مصر قد استردت كل شبر من أرضها، غير أن الحقيقة هي أننا لا زلنا لم نسترد قطعة هائلة واستراتيجية من أرض الكنانة، وهي أم الرشراش، التي يسميها العدو الصهيوني ميناء إيلات، وهي بالنسبة لهم أغلى من الرقبة، فهي منفذهم الوحيد على البحر الأحمر، وتعني استعادتها خنق ذلك الكيان الغاصب وشل حركته استراتيجيا وقطع يده التي تمتد بالسوء لمصر في منابع النيل. فكم يكون تعويض هذا الميناء بعد استعادته وضمه إلى الأرض الأم؟

حساب الحق الخامس: قامت عناصر ارهابية من العدو الغاشم بقتل الأسرى المصريين المقيدين ودفن بعضهم أحياء ومطاردة البعض في الصحراء المفتوحة الواسعة حتى الموت عطشا أو بالرصاص. واعترفت مصادر صهيونية بذلك ووثقته مصادر أخرى، بل تم تسريبه عمداً وعرضه على المصريين والعالم، في امتداد قذر لمخالفات اتفاقية جنيف للأسرى. فكم يكون تعويض ذلك؟

حساب الحق السادس: في خلال الحروب التي دارت مع الكيان الصهيوني، قام العدو بتلغيم سيناء، وتفنن الصهاينة في ترك ألغام من كافة الأنواع، وألغام ضد الأفراد، محرمة دولياً، أدت إلى شل التنمية في سيناء بعد استعادتها (أي على مدار 19 سنة) ولم تتم إزالة هذه الألغام التي تحصد أرواح المصريين البدو كل يوم، حتى الآن. لتنضم إلى 32 مليون لغم تركها لنا الإيطاليون والإنجليز والألمان في الصحراء الغربية تمنع التفاؤل بنجاح أي مشروع تنموي. فكم يكون التعويض الذي نستحقه عن ذلك بعد إزالة الألغام بخرائط تسلم إلينا؟

والقائمة طويلة ومفتوحة، غير أن هذه الحقوق الست تفوق في قسوتها وخسائرها كل تصور. وما يعنينا هنا هو أن نشير إلى أن كل حق من هذه الحقوق الست يتمتع بالمصداقية القانونية، ويعترف به القانون الدولي، ويجب عدم التلكؤ في المطالبة بهذه الحقوق عملا بمبدأ عدالة الأجيال الذي يسري على الحقوق التي لا تسقط بالتقادم. وهو يعني أن الجيل المتضرر والذي يليه هو الأولى بالتعويض، ثم الذي يليه ثم الذي يليه وهكذا، مما يجعل التعجيل بالمقاضاة الدولية أمرا تحتمه العدالة، حتى يقتص الموتور من واتره. وما انقضى زمانه، يجب المطالبة به من باب الحق التاريخي. اليهود يزعمون حقوقا تاريخية ويحصلون عليها عنوة، فكيف لا نحصل نحن على حقوقنا التي يعترف بها التاريخ والعالم، بل والكتب المقدسة أيضا، وعلى رأسها القرآن الكريم. فهل يؤمن قادتنا أم لا يؤمنون؟

ثم نحن وبعد تقاضي كل هذه الحقوق، نأخذ ما لنا ونقضي ما علينا، سوف يكون من حقنا ألا نبقي على هذه المعابد التي تدنس أرض الكنانة، ولسوف نطهر الدنس الذي تركوه، ونبني فوقه حديقة لأطفالنا، تضوع بالمسك والطِِّّيب، وليس بعفن اليهود. فيا قادة مصر، كونوا على مستوى المسئولية التاريخية يرحمكم الله.

نحو جالديران جديدة


نحو جالديران جديدة

أبناء العثمانيين وأبناء الصفويين.. وعودة إلى بدء

المشهد التاريخي المعاصر لا يختلف كثيرا عن إرهاصات المشهد التاريخي للصراع العثماني الصفوي في بداية القرن السادس عشر، وبالتحديد حينما أوقع العثمانيون بقيادة القائد الفذ سليم الأول الهزيمة الثقيلة في صحراء جالديران بجيوش الصفويين، ليهرب اسماعيل الصفوي تاركا في الأسر نخبة من قواد جيشه. ويدخل السلطان سليم الأول تبريز السنية الأصل ويرفع عنها ظلم التشييع الجبري.

فإيران التي كانت سنية بحكم انتشار الإسلام وفتحها على يد الفاتح المسلم سعد بن أبي وقاص، الذي اعاد الله على يديه بلاد العراق بعد أن كان الفرس يحتلونها وبعد أحداث معركة الجسر التي هزم الفرس فيها المسلمين وقتلوا اربعة آلاف مسلم، كانت معركة القادسية التي مهدت لدخول المدائن عاصمة الفرس ومقر إيوان كسرى، وتلتها معركة نهاوند التي كانت معركة القضاء على ملك الفرس و أدخلت بلاد الفرس تحت مظلة الإسلام، غير أن قلوبا فارسية لم تزل تدين بالمجوسية وتكيد للإسلام فيما سموا بالزنادقة.

ظلت فارس (إيران) دولة مسلمة سنية منذ فتح فارس عام 637 ميلادية (16 هجرية) حتى عام 1502 ميلادية، أي قرابة تسعة قرون، حتى تم تتويج اسماعيل الصفوي ملكا على إيران عام 1502م ليعلن إيران دولة شيعية ويفرض المذهب الشيعي بالقوة، ويأمر بالأذان الشيعي والشهادة الشيعية (أشهد أن علياً ولي الله) وتغيير حي على الصلاة / الفلاح (حي على خير العمل). ويجبر الإيرانيين على المذهب الشيعي ولا سيما أهل تبريز التي اتخذها عاصمة له.

وتتمثل المميزات الأساسية للمشهد التاريخي القديم في:

1- إيران دولة شيعية صفوية ذات أطماع توسعية على حساب المنطقة السنية

2- إيران تسيطر على جارتها العراق

3- إيران تسعى إلى تصدير المذهب لسني إلى المنطقة السنية لأهداف توسعية

4- تعدي إيران على جاراتها السنية وظهور خطر صفوي على لمنطقة السنية العربية

5- مرور المنطقة العربية بأزمة وتعرض الإسلام لغزو خارجي (مركزه العراق) يقطع أوصال المنطقة واستمرار آثار هذا الغزو وتداعياته على المنطقة.

6- فرقة العالم الإسلامي وضعف إرادة الحكام، وحاجة العالم الإسلامي إلى قوة تجديد حقيقية، تحشد إرادة المسلمين وتعيد لهم مكانتهم.

7- عدم ترشح أي قوة عربية بشكل حقيقي للعب دور الموحد لأشلاء الخلافة الممزقة

8- بداية ظهور الأمة التركية كقوة أساسية سنية في مواجهة التوغل الشيعي، وظهور بوادر الإصطدام بين القوتين.

9- تقرب تركيا إلى المنطقة العربية لتقوية البعد الإستراتيجي للصراع الموشك، وترحيب العرب بذلك لما يعانونه من ضعف أمام إمكانات التوغل الشيعي المدعوم من قوى غير إسلامية. وسعي هذه القوى إلى قلب الطاولة الإسلامية وتجنب الصراع المباشر مع المسلمين، وضربهم بعضهم ببعض.

10- تنحي مصر (تحت حكم المماليك) عن دورها الإقليمي، وضعف تأثيرها وفقدانها لميزة الحشد الشعبي للعرب والمسلمين، ودخولها في مرحلة ترهل إقتصادي واجتماعي واضح. وتآكل دولة المماليك ودخولها في مرحلة الإنتهاء.

وبدراسة هذه المميزات فلن نجد سوى فوارق شكلية بين المشهد القديم لما قبيل الصراع السني الشيعي، يتمثل في أشكال الحكم العربية، وطبيعة العلاقات فيما بينها. بينما نجد فارقاً أساسيا واحدا وهو وجود ممثل الحركة الصهيونية كمحتل لأرض فلسطين، ولعبه دوراً أساسيا في تأليب القوى الإسلامية بعضها على البعض، وتهديد الأمن القومي العربي والنخر في عظامه من خلال الطبقة الحاكمة على مختلف أشكالها في الوطن العربي. هذا فضلاً أفكار عنصرية تقسم المسلمين إلى أجناس، مثل فكرة القومية العربية والتي كانت السبب الأساسي في تقليم أظافر الخلافة العثمانية تمهيداً للقضاء عليها وتحديد إقامة الأمة التركية في حدود تركيا المعاصرة، وإذلالها.

ويبدوا أن عوامل التشابه بين الماضي والحاضر قد بدأت تتشابك لتغطي الخريطة السياسية والعسكريةن تمهيدا لدورة أخرى من التاريخ الذي لا يفتؤ يعيد نفسه. وها هو رئيس تركيا يعلن عودة الروح إلى الأمة التركية التي خرجت في الشوارع تنفي عن نفسها أن تكون نتاجاً لكيان لقيط هو حزب الإتحاد والترقي، وإنما هم أولاد العثمانيين.

الاثنين، 17 نوفمبر 2008

يقولُ لكم بوش

أيها الأغبياء ؛ يا من تنامون على كراسى الحكم المغتصبة، أفيقوا من سباتكم العميق ؛ فلقد إنتهى توا أستاذكم المتوحش ؛ من إلقاء محاضرته الأولى ويأمل أن تكونوا قد تعلمتم الدرس. سألخِّصُ لكم المحاضرة ، فأنتم قلما تتعلمون من غير تكرار، وسأضرب بعصاى على الأرض كما كان يفعل هارون عليه السلام وهو يبلغ وصايا الرسول إلى بنى يهود، فلقد أثبت لنا التاريخ أنكم شربتم من لبن أمٍّ واحدة، وتعلمتم القتل فى مجزرة واحدة ، بعد أن نزعتم قلوبكم وعلقتم مكانها قطعا من بقايا هُبل وإساف ونائلة. كان هارون يبلغ أترابكم ويدق عصاه على الأرض مرددا؛ يقول لكم موسى..............
وهاأناذا أبلغكم قول رسولكم الهمام واقول لكم...يقولُ لكم بوش ، وهو على النقيض من موسى عليه السلام ، فهو رسول الغرب الحاقد على إسلام شُعوبكم ، الساخط على طهارة مستضعفيكم، الناقم على نصاعة تاريخ ممالككم التى نهبتموها نهبا.

يقول لكم بوش................
لقد أحللت لكم دماء شعوبكم إلا ما حرمته عليكم ، فكل دمائهم لكم حلال إلا أن تكون دماء الأبرياء من الخنازير الذين يوالوننا ويسبحون بحمدنا ويأكلون خبائثنا ويفسدون فى الأرض ولا يصلحون. اما سائر الشعوب ، فاقتلوهم وخرِّبوا بيوتهم ولا تأخذكم فيهم لومة لائم. كل أموالهم لكم غنيمة بما كسبت أيديهم من عصيان لنا وتقصيرٍ فى الهتاف لنا والتصفيق فى مجالسنا والفرحة بكل ما نرمى إليهم من فتات.

يقول لكم بوش................
أقتلوا منهم كل جنينٍ تلمحون فى عين أمهِ شركاً بنا وميلاً الى مقاومتنا ، أقتلوا منهم كل من تعلم أن يقرأ غير ما نكتبه له ، وأن يحفظ غير ما نتلوا عليه وأن يفعل من وحى نفسه ، فسوف يكون ذلك أرحم بهم ، فهم لا يقدرون على أن يفكروا الخير لأنفسهم ونحن نرحمهم بكم ونفكر لهم ، فلولا يشكرون؟

يقول لكم بوش................
إقصفوا أقلامهم وأعصفوا أحلامهم ، فليس لهم أن تكون لهم أحلامٌ غير ما خططنا ، ولا آمالٌ غير ما شرطنا ، وإلا تفعلوا فلن تكونوا لنا عبادا ، وسوف نسلط عليكم دهماءكم فيقتلونكم ، ويدخلون بيوتكم ويهدمون عروشكم ، ثم نستبدل قوما غيركم ولا يكونوا أمثالكم.
إنتهت محاضرة الشيطان الأولى ، فهل وعيتموها ؟ لقد أسمعكم سيدكم بوش وصاياه الثلاثة الأولى ، وعندما تجيدون فهمها فسوف يتلوا عليكم السبع الباقية ، فهل أنتم فاهمون؟

الجامعة العربية... مخاضٌ أم إحتضار ؟!!

إن الذى يقرأ الواقع العربى و يصل بمربعات خطأٍ أقلّ..سوف يجد أنَّ النظام العربى لا تتوافر لديه الفعاليات الكافية على المستوى القطرى- فى المنطقة العربية..فهو من السهل إختراقه و هو ما تمَّ أكثر من مرَّة..بالإيقاع بين الجمهورية المصرية و الملكيَّة السعوديَّة و إدارة حرب خفية على أرض اليمن إنتهت بضربة 1967 الموجعة..ثم بين العراق و سوريا وإيران على أرض لبنان إنتهت بإحتلال لبنان 1982 . و هو نظام عفوى ولا تتوافر لديه آليَّة فاعلة لفضِّ المنازعات ..مما أتاح الفرصة للتدخُّل الأجنبى فى المنطقة.


النظام العربى رغم خبراته المريرة لم يتعلم و دائرة التعلُّم لديه مقطوعة..ومصادره الإستخباريَّة يسيطر عليها خبراء الفرنجة..والصوت الشعبى مكبوت..وإذا خرج فلا يُسمع وكان الحكام قد إتفقوا مع الشعوب...أن تقول الشعوب ما تشاء..ويفعل الحكام ما يشاؤون.....
النظام العربى ممثَّل فى الجامعة العربية..لا يتمتع بالمصداقية الدوليَّة ، ولا يتمتع باحترام الشعوب العربية نظراً لقصوره الواضح أمام قضية عمرها أطول من عمر النظام ذاته. التنظيم الهيكلى للنظام يتسم بالشِّلَلِيَة الممثل العنصرى الجديد النائب عن القبلية المعروفة. أما الطامة الكبرى فهى أن أعضاء هذا المجتمع المتداعى لا يعترفون عمليا بكامل حقوق العضوية لأنفسهم وهو ما يفسر إعتداء دولة ذات سيادة على نظيرتها ومحاولة ضمها بالكلية.

لكل نظام أهدافه المعلنة التى تمثل حقوقاً طبيعية للأعضاء تتحدد بموجب الموروثات القومية والمحددات الإقليمية وعناصر الجغرافيا السياسيَّة المحددة لأبعاد النظام فضلاَ عن توافر الإعتراف الدولى ووجود قنوات إتصال تسمح لهذا النظام بالتفاعل مع المؤسسات الدولية المختلفة وإملاء الإرادة السياسية للنظام.
ولكننا إذا ما تصفحنا تاريخ النظام العربى لوجدنا تناقضاَ بيِّناً بين الحقوق الطبيعية كما يحددها العرف الدولى والمواثيق الدولية وبين الموروثات القومية التى خلقت وحدة عضوية متسقة ذات دعامات ثقافية وأيديولوجية فضلاً عن العوامل الإقليمية والإتصال الجغرافى الموجود منذ القدم. وبالتالى فإن منظومة الحقوق الطبيعيَّة هى منظومة مفتعلة ولا يتسق الإسم فيها والمسمَّى وإنما هى إحدى إفرازات فترة العصور المظلمة للثقافة العربية تحت نير الإحتلال الصليبى.

وإذا كانت مفردات الخطاب الدولى قد صيغت بمعزل عن ثقافتنا العربية، فإن ما يعتبره الآخرون حقاً طبيعياً قد لا يكون كذلك بالنسبة إلينا. والحدود العائقة المفتعلة منذ ما يقل عن قرنٍ من الزمان لا تلزمنا فى عرف التاريخ، وكما سقط سور برلين كان من المفروض أن تسقط شرعية هذه الحدود وبالتالى شرعية نظم عشوائية قزمية أتاحت لها ظروف دولية مشوهة أن تلعب دوراً مخربا على المستوى الدولى ومضيعاً لكافة الحقوق الأساسية للإقليم العربى الذى هو قلب العالم الإسلامى ونواة حضارته.وبناء على ذلك فإن الأهداف المعلنة للنظام العربى لم تتحدد فى ظل نظم شرعية ولا ممثلين شرعيين عن المجتمع العربى ، ولا يعرف بها أحد منا على وجه اليقين، وتثبت التراجعات المتتالية للجامعة العربية فيما يخص القضية الفلسطينية والحدود التى يقف عندها إختيار السلم أو الحرب ، أن هذا النظام لا يستند إلى مرجعية سياسية وليست له أهداف محددة ولا خطة ولا حتى إلتزامات مرحلية.

ثانياً- لكل نظام نفوذ وقوة توفر لقرارات هذا النظام الإحترام الكافى ، ووسائل ثوابٍ وعقاب تضمن لقراراته الفعالية والأهمية اللازمة لدى كافة الأطراف المعنية..فأين تقطن قوة النظام العربى ؟

للأسف الشديد.. فإن النظان العربى فشل فى تحقيق أدنى قدر من النفوذ ، حتى على مستوى الأعضاء أنفسهم ؛ والنتيجة هى ان السواد الأعظم من القرارت العربية تكون فقط للإستهلاك الإعلامى ولتهدئة الجماهير الثائرة أحياناً . ليس هناك جيش عربى تحت قيادة موحدة رغم أن الدافع الأساسى لقيام النظام العربى الممثل فى الجامعة العربية كان لمواجهة الإعتداءات المتكررة على عرب فلسطين من قِبَل عصابات صهيونية "الهاجانة" ترغمهم على التخلى عن ممتلكاتهم أو البيع القسرى لها وتسعى إلى إقامة كيان صهيونى فى المنطقة يضمن المصالح الغربية كهدف ثان ، وأما الهدف الأول فكان لتنظيف المجتمع الاوربى من جرثومة اسمها اليهود تسببت فى حربين عالمييتين وفسادٍ فى الأرض عظيم ؛ وكان هذا هو أجمل هدية يمكن أن يهديها الغرب الصليبى للشرق المسلم الذى طالما أدبه وهذبه وقلم أظافره، وتلك سوسة تنخر فى النخاع.

ولقد فشل النظام المكون من أكثر من عشرين عضواً أن يضمن سلامة هؤلاء المظلومين وكانت نتائج المجهودات المتواصلة لهذا النظام هى ضياع كافة الحقوق السيادية لدولة فلسطين، بل عدم إعتراف المجتمع الدولى بها، بل وصل الأمر إلى الإعتراف العربى الصريح الفاضح بذلك الكيان الدعى المسمى إسرائيل على أنه دولة ذات سيادة ، وعقد المؤتمرات معها و توقيع الإتفاقات مع شرزمةٍ من أشد إرهابىّ العالم تطرفاً.
أما ما نجح فيه النظام المسمى بالجامعة العربية ، فكان قبل أى شىء هو تخليص الغرب الصليبى من كابوسٍ مرعبٍ ومخيف إسمه " الجامعة الإسلامية " والتى كانت حلم الخليفة الأخير ومسعى جمال الدين الأفغانى.والمؤسسة الوحيدة التى إن قامت توافرت لها الشرعية التلقائية، كما انها لا تحتاج الى صياغة لمقررات او الاختلاف على دستور متهالك. وتعد قراراتها ملزمة على الصعيد الحكومى والشعبى على حدٍ سواء. ولكن الغرب الحاقد قد نجح فى تحييد الإلتزامات التاريخية للمجتمع العربى وزرع بينها دعاوى قومية لعزل العمسلمين العرب عن سائر العالم الإسلامى تمهيداُ لزرع النعرة الوطنية لتفتيت المجتمع العربى وهو ما نجح فيه إلى حدٍ بعيد حتى اليوم. بل إن الغرب الحاقد قد بدأ يوجه ضربته النهائية القاصمة بتفتيت هذه الأوطان ذاتها وذلك بإطلاق الدعاوى الطائفيَّة وتقسيم الفتات العربى إلى لقيماتٍ سائغةٍ يسهل هضمها. وحيث إنتهى الدور المفترض للجامعة العربية فقد بدأ الغرب فى إطلاق رصاصه على ذلك الحصان العجوز والذى بات معوقاً للمضى نحو النهاية المرسومة. وهو ما نجده من إفتعال صداماتٍ غير مبررة بين الأمين الحالى للجامعة وبين بعض الدول الخليجية لا سيما الكويت. ونحسب أن هذا هو المسمار الأخير فى نعش الجامعة العربية التى ما نجحت يوماً فى جمع العرب على مبدإ يعتبر محترماً لذاته إلا ونقض فى اليوم التالى وتم وأده عشية يوم ولادته. فاعتبروا يا أولى البصار.

الديكتاتورية خير من الفوضى ، والفوضى خير من الإحتلال

من المعروف فى العرف السياسى أن الوصول إلى المجتمع المدنى كان نتاج خطوات عديدة على مسار الفلسفة السياسية للمجتمعات والتى بدأت بما يسمى بالعقد الإجتماعى. وعلى صعيد إدارة الدولة فإن سيادة الدولة على أراضيها مقدم على توصيفات الحكم والحكام. فالشعوب الواعية لا تبالى بنوعية الحاكم أكثر مما يهمها إستقلال الدولة وسيادتها على أراضيها. ويعتبر قبول بعض العراقيين مثلاً لسلطة الإحتلال والتضحية بسيادة العراق على أراضيه فى مقابل التخلص من حاكمٍ لا يميزه عن سائر حكام العرب سوى أن الإعلام الصهيونى قد تولى فضحه، لهو دليل على قلة الوعى لدى هذه القلة التى رقصت فى بغداد آن سقوطها وما كان لهم إلا أن ينتحبوا ويقاوموا لولا جهلهم بأولوية السيادة.
والذى يهمنا هنا هو أن نشير إلى أن بقاء حاكمٍ فى السلطة ولو كان غير مرغوبٍ فيه، لهو أهون بكثير من التضحية بسيادة مصر على أراضيها وتسليم قيادتها لمحتلٍ لا يرقب فى مؤمنٍ إلاً ولا ذمة. والفرح بما يلقاه مسؤلون كبار فى الدولة من معاملة مزرية لدى أحبار وكهان واشنطن وأوربا سيكون له أثرٌ سيىءٌ جداً على مصداقية مؤسسة الرياسة مهما كان قائدها بعد ذلك والحط من قيمة مصر وتمهيد الإستهانة بها لصالح الأطماع الصهيونية العالمية. ولا أظن شعب مصر ليرضى بأن يعامل حاكم مصر مثل معاملة حاكم العراق، والذى رغم كل ما حدث لا يزال الحاكم الشرعى للبلاد ولا يعتد أكثر المتواطئين مع الإحتلال بتلك الحكومة العميلة وإن صرًّح بغير ذلك ليل نهار.
ولذلك نقول بأن ديكتاتورية الحكم هى أفضل عندنا من اللاحكم أو الفوضى ، والفوضى أفضل بكل حالٍ من الإحتلال الذى يأتى بحكومة عميلة لا تلبث أن ترتد إلى فوضى وصراع إجتماعى. ولننعم بذلك القدر اليسير من الحرية الذى ناضلنا كثيراً حتى نلناه، ولنساند قيادتنا ضد الهجمة الخارجية وإن تفاقمت خلافاتنا ووصلت عنان السماء، فسوف يأتى اليوم الذى يحل فيه التغيير بإرادةٍ أسبق من إرادة البشر ولنعلم أن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم. وإننا لنظن بأننا لم نتغير بعد بما يكفى لأن يغير الله ما بنا على الوجه الذى نتمنى. ولننتهز الفرصة ونبتر أطراف الفساد حتى تشل حركته ويموت بلا حراك. ذلك أقرب عند الله وأقوم. وليعض الذين يتربصون بمصر الدوائر أناملهم من الغيظ وليموتوا بغيظهم وإن الله لمخرج ما كانوا يحذرون وإنها لعائدة مصر إلى مكانها الذى غيبت عنه فى صدارة الشرق وقيادته.

الإعلام '' الصوت - مرئي ''.... حقق للغرب، مالم يحققه الاحتلال

يقول المولى عزَّ وجَلّ : "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ" (النور/19)

وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من دعا الى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً).



لا جرم اننا نعيش في عصر الإنحطاط الأخلاقي بكل المقاييس، حين تندنس فطرتنا بكل هذا الكم من التداخلات الإعلامية المفتقرة إلى مبادئ الدين الحنيف، وشيم الأخلاق، والمتعارضة مع العرف الشعبي التقليدي، وحتى المسمى غلطاً بالمتحرر.

وإنه كلما أسدى كاتب من الكتاب، القليل من النصح ولو على استحياء إلى المجتمع بمبارزة هذه التوجهات الإفسادية الضلالية، خرج إليه أرباب الفساد والإفساد بكل ما لديهم من فتن، واستقبلوا كلامه بكل ما بخيالهم المريض من تصويرات حسية بهيمية، واقعدوا له كل مرصد. وإذا ما تفيهق أحد مدَّعي الثقافة بما ينال حظوتهم ويشبع بعضاً من غريزتهم، قاموا إليه على قلب رجل واحد يدعون له ويروجون على أنه الفذ الملهم، والعبقري الذي لا يُشقُّ له غبار. وأبناؤنا فيما بين ذلك وذاك، حائرون، تتقاذفهم أمواج الضلال والإضلال، ويقعون تارة في المعاصي وتارة أخرى في تأنيب الضمير. حتى إذا طال عليهم الأمد، قست قلوبهم وضُرب على قلوبهم بالران فلا يسمعون ولا يعقلون.

لماذا كل ذلك؟ أهو بسبب "فيلم" لا تتعدى مدته الساعتين، يعيشون فيه مع النظر إلى ما حرَّم الله، ويستمعون فيه إلى الخبيث من القول؟ أم تموت قلوبهم من كثرة الضحك على سفاسف الفكر التي تقلب أوراقها أمام ناظريهم على خشبة المرسحن يتعلمون في محاضراته المطولة بالساعات، أكثر الألفاظ تدنياً وسوقية؟ أم هو بسبب "مسلسل" يومي ينسى الناس فيه مواقيت الصلاة ويضعون أصابعهم في آذانهم، ويستغشون ثيابهم، كي لا تؤرقهم ضمائرهم لما تركوا من طاعات وأسرفوا في طلب المعصي وفعل الموبقات.

ناهيكم عن الممنوعات، التي لا يقبلها امرؤ ذو مروءة في بيته ولا يرضاها لأهله وبنيه خارج بيته، مما غدا بعض الشباب الذي فقد طريق الحق القويم، يسمونها عبثاً: "الأفلام" الثقافية. وكأن مقارعة المنكر ومزاولة الحرام درب من دروب الثقافة والمعرفة الواجبة لكل إنسان. إن هذا لهو من أصداء النداءات المتكررة لمخربي الفكر الغربيين الذين يطالبون بأن تصبح مواد الإباحية متاحة ومباحة لكل شاب وفتاة، بل لكل طفل ومراهق دون تفريق، وهي محرمة أساساً حتى على الشيخ المسن وليس فقط الرجل الشديد.

إن فساد السينما والتلفاز والمرسح، لهو من جراء السكوت على فساد النظام الحاكم برمته. فلو لم يكن الراعي فاسداً لما فسدت الرعية، ولو لم تكن هناك حكومات علمانية مجافية للدين ومنكرة للشرع الرباني، ومعرقلة لتطبيق شرع الله الذي شرع لعباده في الأرض، لما ظهر الفساد في البر والبحر، ولما تجرأ أهل الفساد حتى أصبح المتقون في فتنة وعذاب.

إن التربية وحدها لن تكون كافية لإعداد جيل يخدم مصالح الأمة ويدافع عن كيان الإسلام والمسلمين، ويقدر على أن يتحمل مسئوليته التاريخية في حمل مشعل الحضارة إلى الأجيال التي تليه، في ظل نظام يتهاون في حق الله ويضطهد الداعين إلى الله بكافة السبل ويفتح ابواق الإعلام وقنواته ليل نهار تصب المعاصي في آذان وعيون وقلوب الرعية، دون حشمة ولا خجل ولا تقوى لله القادر على أن ينزل بهم غضبه ونقمته في طرفة عين. وما هم بمعجزين في الأرض، وما لهم من دون الله من وليٍّ ولا نصير.

لقد اشرأبت أعناق المفسدين ووصلت هامهم أعلى من ناطحات السحاب، في أعمال لا يبغون من ورائها غير الإفساد وطلب الشهرة والمال الحرام. فترى منهم من يسارع بماله في إنتاج "أفلام" ساقطة من الوجهة الأخلاقية، تظهر فيها النساء عارات أو شبه عاريات، بل تظهر فيها أوضاع فاحشة بينة مبينة، لا تشك فيها العين ولا تخطئوها عين المراهق الذي يسعى وراء إشباع شهواته في ظل نظام حكمٍ فاسد أدى فساده إلى وجود أكثر من خمسة ملايين فتاة عانس وأكثر من ذلك العاطلين من الشباب. إنه النظام الذي غرر بالمرأة حتى خرجت من بيتها إلى الشارع، فأصبحت الواحدة منهن تقضي خارج بيتها أكثر مما تقضيه في كنف زوجها وعلى عينه. وأصبح زميل العمل يصاحبها في عملها فترة أطول من مصاحبتها لزوجها في بيته، ما حذفت فترة النوم الطبيعي للإنسان الطبيعي.

إنه الفساد الذي يأتي بالمفسدات الفاسدات من النساء لينصب منهن أئمة للضلال والإضلال، ثم يدفع بهن ليعظن نساء المسلمين ويقدمن لهن النصح الفاسد، ويحرضونهن على أزواجهن ويخربن بيوتهن بأيديهنن دون أية مراعاة لحرمة البيت الإسلامي، وحق الله على البشر. وإذا ما حاول النصح من يخاف الله ويتقه، ضيقوا عليه وسدوا في وجهه الطرق وطاردوه وطردوه وأغروا به سفهاءهم من الذين لا يعقلون كثيراً مما يقولون.

وباختراع ما أسموه بالنقد الفني، أصبح لكل من النابحين منهم مصطلحاته الخاصة التي تتعالى فوق ثقافة الجمهور، والتي يصفها إلى جانب بعضها، مدعياً العلم ببعض ما لا يعلم الآخرون، ويعضد موقفه في ذلك جوائز الصهيونية التي تتناثر فوق رؤوسهم ليوهموا العامة من الشعب بأنهم هم المثقفون، وأن ما دون ذلك فهم رعاع وجهلاء، أو متطرفون ومتشددون. وذلك على الرغم من أن مصطلحاتهم نفسها تدينهم، وتصل بالباحث في أمرهم إلى عكس ما يصلون إليه تماماً. ولنأخذ مثالاً لذلك في جائزة نوبل التي نالها المصري الراحل نجيب محفوظ.

لم ينل نجيب محفوظ في مستهل حياته من الإهتمام ما يشير إلى تفرده بقدرة أدبية مميزة. ولم يشد انتباه الأبواق التي سبحت بحمده فيما بعد إلا بعد أن كتب ثلاثيته الشهيرة ورواية " اولاد حارتنا". ولم يسمح له بنشر الأخيرة كاملة، وهو قد تطاول فيها على الذات الإلاهية، وتلك الفرية قد باء بها كل من كانت كتاباتهم عبارة عن سفاسف وتخريصات. ويكفي في ذلك أنه ما نال الجائزة المشبوهة إلا بسبب الثلاثية التي استخدم فيها الرمزية لسب الرسول في عرضه، وذلك باستخدام أسماء أمهات المؤمنين والسيدة مريم العذراء وبنات الرسول، رضي الله عنهن أجمعين، للدلالة على شخصيات رواياته الثلاث المشبوهة. ولم تحظ هذه الثلاثية باهتمام النقاد، حتى نهاية الخمسينات، حين كف لفترة عن الكتابة، وتأثر بالأفكار والوجودية الهدامة. وفي فترة ابتعاده عن الكتابة تزوج سراً لمدة عشر سنوات قبل أن يتضح أمر زواجه. وفي هذه الفترة وبالتحديد في عام 1959 بدأ في نشر رواية أولاد حارتنا التي صدمت المجتمع بما فيها من تطاول على الله. حيث رمز لله باسم "الجبلاوي" وجعل نهايته الموت- تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا.

وكانت الثلاثية هي أسوأ ما كتبه مصري عن شعب مصر، واستحقت بجدارة أكثر جوائز العالم شبهة وهي جائزة نوبل السويدية للأدب. فلقد وجد من يحتضن سفاسفه أخيراً. والذي ينظر إلى تلك المجموعة، أو الثلاثية- والتي حولت بالطبع إلى ثلاثة " أفلام" طويلة ومملة، سيلاحظ بوضوح: عدم توافر الإتساق الأدبي للشخصية المحورية، "سي السيد". والذي ظهر في تناقض صريح بين سلوك الشخصية في البيت، وسلوكها في الشارع، وسلوكها في الباطن. فهو يظهر في البيت بسلوك الرجل الشرقي الشديد، الذي لا تفكر أي من بناته فيمجرد النظر من الشباك بعلمه، ويظهر في الشارع بسلوك التاجر المنضبط الذي يمنح الصدقات بينما يختلس اللحظات لتحديد المواعيد مع العاهرات، وفي الليل فهو فاسق ولا يأبه لمعايير الأخلاق والدين. ثم فجأة: فهو ابن البلد الذي يكره الإحتلال ويرغب في زواله.

إن أي ناقد مبتدئ سوف لا يصدق أن مثل هذا الخطأ "الدرامي" يقع فيه كاتب و ينال عنه في يوم من الأيام جائزة عالمية، يزعمون أنها نزيهة.

أما الإصرار على توظيف الغرائز الجنسية في خدمة العمل الدرامي، وسعياً نحو استقطاب أكبر عدد من الجمهور غلى دور السينما ومقاعد المرسح، فهو يدل على أن العامل التجاري لا الأدبي هو الذي يحكم روايات من يتصدرون لكتابة الأعمال الفنية أو تجهيزها لتصبح عملاً من الأعمال الصوتمرئية. وهم يعتمدون في تبرير ذلك على أفكار قديمة ترجع إلى كتابات رائد التحليل النفسي سيجموند فرويد عن القمع البيولوجي من قِبل العناصر الحضارية. وهذه الكتابات التي طورها فيما بعد هربرت ماركوزه (1898-1979) في كتابه "الجنس والحضارة"، والذي جمع فيه ما بين سقطات الماركسية والفرويدية، اللتين اعتبرتا أن العامل الثقافي والديني هو عامل قمع للطبيعة التي تستوجب إطلاق الرغبات البيولوجية الجنسية على مصراعيها. وقالوا بأن وقوف العوامل الحضارية أمام الرغبات هو بمثابة قمع للذة والسعادة التي يجب أن يحظى بها البشر. بل تمادى على محور الماركسية حين جعل هناك فرق بين طبقة العمال والطبقة العليا في الحقوق البيولوجية ولا سيما الجنسية، حيث أباح للطبقة البرجوازية حق التمتع المطلق بالحقوق البيولوجية، في حين حدد هذا الحق بالنسبة لطبقة البروليتاريا فيما لا يتعارض ومصلحة العمل والناتج القومي. ولقد تشرب بعض مشاهير الكتاب بهذه الأفكار سواء وصلت غليهم بشكل مباشر أو غير مباشر، وانعكست في كتاباتهم في صورة عداء لكل ما يمت إلى القيم والمبادء السامية، ولا سيما الإسلامية.

ولقد أصبح واضحاً أن هناك مجموعة غير قليلة من الكتاب أو من يزاولون الكتابة قد رصدت نفسها لدفع المجتمع نحو التحلل من كل القيم والمثل، التي يعتبرونها معوقاً أمام السعادة واللذة. بل وتوظيف هذه الرغبات في خدمة العمل الدرامين حتى بات استنصار العمل الدرامي لأبطال العمل المتحللين أمراً طبيعيا، ومثال ذلك في "فيلم: اللص والكلاب"، وهو عن رواية نجيب محفوظ بنفس الإسم.

ومن الواضح في كتابات نجيب محفوظ- أحد المصادر الأساسية لأفلام مصرية شهيرة- نزوعه إلى السياق الملحمي، وتأثره الشديد بالميثولوجيا اليونانية، دون اعتبار للمحددات الإسلامية والمنطلق الثقافي للجمهور المسلم الذي يتلقى كتاباته في أشكال مختلفة. وتظهر فكرة التعددية المعبودية وعبث الآلهة كظل ملازم لتفكيره الذي صبغ بصبغة وجودية تتعارض بشكل صارخ مع المقررات الإسلامية. ورغم شناعة هذه الأعمال إلا أنه قد وجد من يروج له على أنه مبدع ومتحرر (متحلل)، ويتخطى المحلية بجسر التحلل إلى العالمية. ولم يلق الكثيرون من النقاد بالاً إلى التأثير الطبيعي لجملة الأفكار التي يحملها حكام الأدب العالمي على مصداقية الجوائز والشهادات العالمية من المنظور المحلي والإقليمي، بل ساروا على نهج الغرب في التقدير والتقييم، وانصرفوا بالكلية عن المحددات التطبيقية للأدب الإسلامي والتي أصبحت هي نفسها محددات الأدب العربي منذ أن دان العرب بدين الإسلام.

وتظهر فكرة العبث الإلاهي – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- في كتابات نجيب محفوظن بل إنه قد تجاسر على إطلاق اسم "عبث الأقدار" على واحدة من رواياته. وافترض عدم وجود الله- تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً- في عدد كبير من رواياته الرمزية الفلسفية مثل رواية "ثرثرة على النيل"، والتي حاول فيها عرض مساوئ المجتمع ومناقشتها من خلال شخصيات غائبة عن الوعي- إقصاء العقل- ثم تدرج في سياق وجودي ليفترض في النهاية غياب الله، وماذا لو لم يكن الله موجوداً. وكان الأحرى به أن يفترض غياب الضمير، حيث تؤدي نفس المعنى المقصود، دون الوقوع في جرم كهذا، غذ لا يصح بحال من الأحوال افتراض غياب الله- سبحانه وتعالى- الذي به يثبت الوجود نفسه، وبحقيقة وجوده تثبت الحقائق الوجودية الأخرى.

كل هذا العبث الفلسفي قام نجيب محفوظ – المغمور- بخلطها بفاتح الشهية المعتاد – الجنس- وصبها في قالب روائي، انبرى بعض المفسدين إلى تحويله إلى "أفلام" و "مسلسلات" و "مرسحيات"، ليقدموا لنجيب محفوظ – الشهرة – والجائزة التي لا يستحقها غيره.

وبتربية أجيال من المسلمين، يعتمدون على أفكار مناوئة للعقيدة الإسلامية، وأفكار مثبطة للعزيمة تعتمد في النجاح على مبدأ "سندريللا"، ومن يوافقه الحظ ويحظى بفرصة العمر، لتتحول حياته البائسة بدون عمل وتضحية ومثابرة وعناء، إلى الشهرة والمجد والثروة الطائلة. وهو ما يتكرر كثيراً في "أفلام" مرحلة من مراحل الضياع التي تتكرر في تاريخ المصريين منذ تغريب المجتمع وإقصاء فكرة الحاكمية لله، وإقصاء الشؤيعة الإسلامية وتغييبها. فنجد السواد الأعظم من الروايات التي كتبت في فترة الخمسينات والستينات، تعتمد على الإنتقال الطبقي، ليس بالعمل والإنجاز والنجاح والتدبير، وإنما بالعتاصر الظاهرية وقصة حب إبن النبلاء لإبنة الصعاليك، ويحدث العكس الآن. وهو مما يوهن عزم الشباب ويدفعهم إلى طلب الإنتقال الطبقي الفجائي، فإذا ما فشل الشاب في ذلك يكون المصير إما عقدة نفسية واكتئاب وإدمان وربما انتحار، وإما التحول إلى الجريمة والسرقة، ويتم ذلك بتبريرات اسقاطية وسخط على المجتمع والنظام الحاكم، وتصوير مثالب النظام الحاكم والمجتمع على أنها هي السبب الوحيد فيما آل إليه حاله. والواقع أنها وإن كانت تتحمل الكثير من ذلك، إلا أن السموم التخريبية التي يتعاطاها الشباب في "السينما" و المرسح، وعلى شاشات التلفاز، تعد أول ما يجب أن يُحاسب عليه النظام الحاكم من انحراف. ويجدر بنا هنا الإشارة إلى عدم تقدير خطورة مركز وزير الإعلام، ووزير الثقافة، وتعلية وزارات أخرى على هذه الوزارات. إن ما يتعلمه المواطن من وسائل الإعلام يفوق بمراحل كثيرة، ما يتعلمه الطالب في المدرسة. والدليل على ذلك في المعرفة بالتاريخ؛ حيث تسكن في ذاكرة الكثير منا القصة "السينيمائية" لبطل تاريخي، أكثر من القصة الواردة في كتب التاريخ. قارن مثلاً قصة "وا إسلاماه" بالقصة الحقيقية للبطل التاريخي السلطان سيف الدين قظز. وهذه القصة قد نفذت على شكل "فيلم" وعلى شكل "مسلسل". ولاحظ الإفراط في التركيز على علاقة الرجل بالمرأة، لا سيما في "الفيلم"، والتجاوزات الصارخة في حق بطل تاريخي. وكثيرة هي الشخصيات التي شوهها الإعلام بسبب الإصرار على إضافة "فاتح الشهية". وتعد شخصية الخليفة العباسي هارون الرشيد من أكثر الشخصيات تشويها كما نعلم.

ولربما أننا قد عرضنا لشخصية نجيب محفوظ على وجه التحديد، إلا أن هناك من كان لهم دور ربما أكبر، في تشويه النسق الأخلاقي للمجتمع المصري والمجتمعات العربية – بوصف الإعلام المصري هو المسيطر على السماء العربية الإعلامية- وغرس القيم الهابطة ، ونشر المصطلحات السوقية البذيئة والساقطة على ألسنة الجماهير العربية مما أثر بشكل كبير على المستوى الأدبي والحسي للجماهير العربية. بل إن هناك من كتاب الحوار "السيناريو" من ينزلون إلى الأماكن العشوائية وينتقون أقذر الألفاظ وأكثرها سوقية، ليضعوها على ألسنة أبطال "أفلامهم" و مسلسلاتهم، فهم يتشدقون بها وكأنهم اكتشفوا ثقافة عليا أو مثالاً يحتذى به – ولله المثل الأعلى في الماوات والأرض- ونسوا أن الدين الإسلامي الحنيف، هو دين آداب عليا وأخلاق سامية، وأن الله لا يرضى الفحش من القول، وأن المسلم ليس بلعَّان، وأنه ما ينطق من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد، وأن الكلمة الطيبة صدقة، وأن هناك فرقاً فارقاً ما بين الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة. بل هم يفخرون بأن يردد بعض الدهماء مصطلحاتهم الغوغائية. ولكم في مجموعة "أفلام" محمد سعد (الليمبي) اسوة سيئة، ومثالاً شائناً، ونماذج كارثية من الألفاظ التي يفاجئونا بها أولادنا- بل وبعض البالغين اليافعين من رجالنا ونسائنا. ولا أدري لماذا تم اختيار اسم "الليمبي" هذا بالذات، وهو لا يذكرنا إلا بأحط شخصيات التاريخ، والذي لعب دور الفتنة بين العرب والترك، مما كان سبباً في سقوط الخلافة الإسلامية، وهو " اللورد اللينبي" الذي تمكن من هزيمة الجيش الإسلامي التركي عام 1917 و احتلال القدس وقولته المشهورة "الآن انتهت الحروب الصليبية". وبعد أن كانت تحرق في بورسعيد دمى لقادة الإحتلال الإنجليزي للأمة العربية، وكانت دمية اللينبي في مقدمتها، فاليوم اللينبي شخصية مضحكة، وشر البلية ما يضحك. وكأننا نحتفل به ونخلد ذكراه، فضلاً عن جسر في فلسطين يحمل اسمه ويمجده.

هذه لقطة "سينيمائية " أو "تليفيزيونية" من الإقصاء التاريخي الذي تصر وسائل الإعلام على تكريسه وتوسيع دائرته بقوة. ونحن وإن عرضنا لنجيب محفوظ فلسوف يكون علينا أن نعرض لآخرين مثل إحسان عبدالقدوس، ويوسف السباعي وغيرهم. وأشد من ذلك خطراً المخرجون الذين ينتقون الروايات، ويحولونها إلى صور حية، وكتاب السيناريو الذين يضيفون إليها من الفسق والمجون ما يجعلها أكثر فساداً وإفساداًن وقبل ذلك نظم الحكم المريضة التي تريد أن تلهي شعوبها عن الحقائق الثابتة لجرائمها وسرقتها الدائمة للبلاد، والإفقار المتعمد للجماهير، وتهميش الريادة الإسلامية، وتزييف إرادة الشعوب المسلمة. إنها قضية شائكة للغاية، وهي مقدمة على العديد من القضايا التي قد لا يغني الخوض فيها فتيلاً. أما قضيتنا هذه، فهي قضية إيقاظ المروءة التي يبدو دورها وقد خبا وراء ذلك الكم الهائل من الجدل الأخلاقي. وكان الإنسان أكثر شيئ جدلاً. وإن يعلم الناس أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة على المسلم، ولا يكفيه أن يغلق عليه بابه. وصدق الله تعالى حين يقول: "وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ".