الاثنين، 17 نوفمبر 2008

الجامعة العربية... مخاضٌ أم إحتضار ؟!!

إن الذى يقرأ الواقع العربى و يصل بمربعات خطأٍ أقلّ..سوف يجد أنَّ النظام العربى لا تتوافر لديه الفعاليات الكافية على المستوى القطرى- فى المنطقة العربية..فهو من السهل إختراقه و هو ما تمَّ أكثر من مرَّة..بالإيقاع بين الجمهورية المصرية و الملكيَّة السعوديَّة و إدارة حرب خفية على أرض اليمن إنتهت بضربة 1967 الموجعة..ثم بين العراق و سوريا وإيران على أرض لبنان إنتهت بإحتلال لبنان 1982 . و هو نظام عفوى ولا تتوافر لديه آليَّة فاعلة لفضِّ المنازعات ..مما أتاح الفرصة للتدخُّل الأجنبى فى المنطقة.


النظام العربى رغم خبراته المريرة لم يتعلم و دائرة التعلُّم لديه مقطوعة..ومصادره الإستخباريَّة يسيطر عليها خبراء الفرنجة..والصوت الشعبى مكبوت..وإذا خرج فلا يُسمع وكان الحكام قد إتفقوا مع الشعوب...أن تقول الشعوب ما تشاء..ويفعل الحكام ما يشاؤون.....
النظام العربى ممثَّل فى الجامعة العربية..لا يتمتع بالمصداقية الدوليَّة ، ولا يتمتع باحترام الشعوب العربية نظراً لقصوره الواضح أمام قضية عمرها أطول من عمر النظام ذاته. التنظيم الهيكلى للنظام يتسم بالشِّلَلِيَة الممثل العنصرى الجديد النائب عن القبلية المعروفة. أما الطامة الكبرى فهى أن أعضاء هذا المجتمع المتداعى لا يعترفون عمليا بكامل حقوق العضوية لأنفسهم وهو ما يفسر إعتداء دولة ذات سيادة على نظيرتها ومحاولة ضمها بالكلية.

لكل نظام أهدافه المعلنة التى تمثل حقوقاً طبيعية للأعضاء تتحدد بموجب الموروثات القومية والمحددات الإقليمية وعناصر الجغرافيا السياسيَّة المحددة لأبعاد النظام فضلاَ عن توافر الإعتراف الدولى ووجود قنوات إتصال تسمح لهذا النظام بالتفاعل مع المؤسسات الدولية المختلفة وإملاء الإرادة السياسية للنظام.
ولكننا إذا ما تصفحنا تاريخ النظام العربى لوجدنا تناقضاَ بيِّناً بين الحقوق الطبيعية كما يحددها العرف الدولى والمواثيق الدولية وبين الموروثات القومية التى خلقت وحدة عضوية متسقة ذات دعامات ثقافية وأيديولوجية فضلاً عن العوامل الإقليمية والإتصال الجغرافى الموجود منذ القدم. وبالتالى فإن منظومة الحقوق الطبيعيَّة هى منظومة مفتعلة ولا يتسق الإسم فيها والمسمَّى وإنما هى إحدى إفرازات فترة العصور المظلمة للثقافة العربية تحت نير الإحتلال الصليبى.

وإذا كانت مفردات الخطاب الدولى قد صيغت بمعزل عن ثقافتنا العربية، فإن ما يعتبره الآخرون حقاً طبيعياً قد لا يكون كذلك بالنسبة إلينا. والحدود العائقة المفتعلة منذ ما يقل عن قرنٍ من الزمان لا تلزمنا فى عرف التاريخ، وكما سقط سور برلين كان من المفروض أن تسقط شرعية هذه الحدود وبالتالى شرعية نظم عشوائية قزمية أتاحت لها ظروف دولية مشوهة أن تلعب دوراً مخربا على المستوى الدولى ومضيعاً لكافة الحقوق الأساسية للإقليم العربى الذى هو قلب العالم الإسلامى ونواة حضارته.وبناء على ذلك فإن الأهداف المعلنة للنظام العربى لم تتحدد فى ظل نظم شرعية ولا ممثلين شرعيين عن المجتمع العربى ، ولا يعرف بها أحد منا على وجه اليقين، وتثبت التراجعات المتتالية للجامعة العربية فيما يخص القضية الفلسطينية والحدود التى يقف عندها إختيار السلم أو الحرب ، أن هذا النظام لا يستند إلى مرجعية سياسية وليست له أهداف محددة ولا خطة ولا حتى إلتزامات مرحلية.

ثانياً- لكل نظام نفوذ وقوة توفر لقرارات هذا النظام الإحترام الكافى ، ووسائل ثوابٍ وعقاب تضمن لقراراته الفعالية والأهمية اللازمة لدى كافة الأطراف المعنية..فأين تقطن قوة النظام العربى ؟

للأسف الشديد.. فإن النظان العربى فشل فى تحقيق أدنى قدر من النفوذ ، حتى على مستوى الأعضاء أنفسهم ؛ والنتيجة هى ان السواد الأعظم من القرارت العربية تكون فقط للإستهلاك الإعلامى ولتهدئة الجماهير الثائرة أحياناً . ليس هناك جيش عربى تحت قيادة موحدة رغم أن الدافع الأساسى لقيام النظام العربى الممثل فى الجامعة العربية كان لمواجهة الإعتداءات المتكررة على عرب فلسطين من قِبَل عصابات صهيونية "الهاجانة" ترغمهم على التخلى عن ممتلكاتهم أو البيع القسرى لها وتسعى إلى إقامة كيان صهيونى فى المنطقة يضمن المصالح الغربية كهدف ثان ، وأما الهدف الأول فكان لتنظيف المجتمع الاوربى من جرثومة اسمها اليهود تسببت فى حربين عالمييتين وفسادٍ فى الأرض عظيم ؛ وكان هذا هو أجمل هدية يمكن أن يهديها الغرب الصليبى للشرق المسلم الذى طالما أدبه وهذبه وقلم أظافره، وتلك سوسة تنخر فى النخاع.

ولقد فشل النظام المكون من أكثر من عشرين عضواً أن يضمن سلامة هؤلاء المظلومين وكانت نتائج المجهودات المتواصلة لهذا النظام هى ضياع كافة الحقوق السيادية لدولة فلسطين، بل عدم إعتراف المجتمع الدولى بها، بل وصل الأمر إلى الإعتراف العربى الصريح الفاضح بذلك الكيان الدعى المسمى إسرائيل على أنه دولة ذات سيادة ، وعقد المؤتمرات معها و توقيع الإتفاقات مع شرزمةٍ من أشد إرهابىّ العالم تطرفاً.
أما ما نجح فيه النظام المسمى بالجامعة العربية ، فكان قبل أى شىء هو تخليص الغرب الصليبى من كابوسٍ مرعبٍ ومخيف إسمه " الجامعة الإسلامية " والتى كانت حلم الخليفة الأخير ومسعى جمال الدين الأفغانى.والمؤسسة الوحيدة التى إن قامت توافرت لها الشرعية التلقائية، كما انها لا تحتاج الى صياغة لمقررات او الاختلاف على دستور متهالك. وتعد قراراتها ملزمة على الصعيد الحكومى والشعبى على حدٍ سواء. ولكن الغرب الحاقد قد نجح فى تحييد الإلتزامات التاريخية للمجتمع العربى وزرع بينها دعاوى قومية لعزل العمسلمين العرب عن سائر العالم الإسلامى تمهيداُ لزرع النعرة الوطنية لتفتيت المجتمع العربى وهو ما نجح فيه إلى حدٍ بعيد حتى اليوم. بل إن الغرب الحاقد قد بدأ يوجه ضربته النهائية القاصمة بتفتيت هذه الأوطان ذاتها وذلك بإطلاق الدعاوى الطائفيَّة وتقسيم الفتات العربى إلى لقيماتٍ سائغةٍ يسهل هضمها. وحيث إنتهى الدور المفترض للجامعة العربية فقد بدأ الغرب فى إطلاق رصاصه على ذلك الحصان العجوز والذى بات معوقاً للمضى نحو النهاية المرسومة. وهو ما نجده من إفتعال صداماتٍ غير مبررة بين الأمين الحالى للجامعة وبين بعض الدول الخليجية لا سيما الكويت. ونحسب أن هذا هو المسمار الأخير فى نعش الجامعة العربية التى ما نجحت يوماً فى جمع العرب على مبدإ يعتبر محترماً لذاته إلا ونقض فى اليوم التالى وتم وأده عشية يوم ولادته. فاعتبروا يا أولى البصار.

ليست هناك تعليقات: