الاثنين، 17 نوفمبر 2008

بِــم، وألفَ بِــم، وثـلث الثلاثة واحد

قال الكاتب مصطفى رجب: " بـِــم "، للنظام ولم يتم اعتقاله. هذا هو ما وصل إليه حال الشعب في مصرَ وآل مآله. بعد أن سكت ونَكَتَ وكَمَّمَ أفواه عياله، وبعد أن رَكَبَهُ طاغوتُ الفقر وأصبح خيَّاله. سكت الناس على الفقر صابرين، وأداروا خدهم للصفع محتسبين، ورضوا بأن يكونوا من الخوالف قانعين، وانزوت مصرُ عن السمع والعين، حتى أصبح البطش يطال الناشطين كما يطال الخانعين، وأصبح الإرهاب وصمة لكل المصلين، والتقدم سمة للراقصين على عتبات أهل الحِلِّ من الدِّين. لم يعد لنا أن نقول: "بِـمْ " بكسر رقبة الباء المطحونة، وبسِكونِ وتكميم فاه الميم. فكلمةُ " بِمْ " وحدها، لا تشف ولا تنُمّ، ولا تطعم عظم البائيسن ولا تَـرُمّ. بل نقول بصوت الواعد الراعد: بِمْ وألفَ بِمْ، وثلث الثلاثة واحد.


يا نظاماً يعتقل العلماء كما يعتقل الشرفاء، كما يعتقل المتهومين والمغرومين وبعض المجرمين والغرماء. الكلُّ لديك في ميزان الحُكمِ سواء، فأين تقيم العدل الذي عوجته، أفي ظلمات السجن أم في عالم تعرفه أنت ولا نعرفه، لا تـُقِلـُّـهُ أرضٌ ولا تُظِلُّهُ سماء؟ لا تكفِينا بمٌ واحدة، ولا لاءٌ ولا ألفُ ألفِ لاءْ. لقد سقط القناعُ القبيح عن وجهك الأقبح، كما قد سقط عنك بُرقُع الحياء.
كيفَ تبيت مُتخَماً ويبيت الشعبُ بلا مأوى؟ ما تلك بصفة العدلِ أبداَ ولا حتى بغادرة الجبناء. كيف يبيتُ السارقُ ينعمُ في ملهى سياساتك، ويبيتُ في السجن النزهاء، ويبيتُ والسجنِ الشرفاءُ، ويبيتُ في السجن العلماء؟ كيف تظُنُّ أن الله سيغفرها، أو يمحوها أو أو يقبلُ عملاً قد تعملُهُ بصفاءٍ أو حتى برياء. هل تسمعُ يا قاضي العسكرِ ما يسمعه قلب الشعب الصادق كل صباحٍ كلَّ مساء؟ هل تسمعُ دعوةَ مسجونٍ لم تنقمْ منه سوى إيمانٍ بربِّ العرشِ بلا تسويفٍ أو إرجاء؟ هل تسمع بالأذنِ الأخرى ما لم تسمع أذنُ الداء؟ لو فاتت سمعك " لاءٌ "، فلتسمع "لاءً " أخرى وألف لاءٍ فوق اللاء.
يا قاضى عسكر دولتنا أين الشرفاء؟ أين النزهاء؟ وأين سدنة عرش الظلم وحملة قاموس الهدم وأفواهٌ لم تعرف غير هتافاتٍ وثغاء؟ يا قاضي عسكر دولتنا: كيف قضيت وكيف ستقضي ثم تروحُ إلى قاضٍ لا يخطئ أبدا سبحانه، حكَّمَ في الشرفاء قضاءاَ يبلوهم بالحكم ابتلاء. لا تعرف يا قاضي العسكر، أن بلاءك تمييزٌ فيهم، وأنك أنت من يحصد كل النقماء، وكل دعاوى الظلم تطولك، ودعاء السخط لدى الدهماء. يا قاضي عسكر دولتنا: الله الله ولا تلبس دون وشاح العدل رداء.

ليست هناك تعليقات: