الاثنين، 17 نوفمبر 2008

مصر ... والوصول إلى حالة العفن السياسي

مصر اليوم هي مصر التي ترتدي أغمق اثواب التاريخ. تعيش في حالة شاذة من العفن السياسي والتدهور الاقتصادي والاجتماعي. مصر حاملة لواء الدفاع عن العقيدة، هي الآن التي تهان فيها الرموز الإسلامية القديمة والمعاصرة. مصر، صوت العزة والدفاع عن العقيدة هي اليوم التي تسمح لتلفزاتها بالدس على الإسلام والنيل منه والخوض في أعراض الصحبة الأجلاء.


مصر التي وقفت مواقف العزة في نصرة الاسلام هي التي تقود العالم الاسلامي اليوم الى مورد الضياع. مصر التي كم حرضت المسلمين على القتال، اليوم تخشى القتال وتركن الى مرابط الأوحال. لم يعد هناك راية ترفرف وتخفق بالعزة للإسلام، ولكن تبدلت الأرض ومن عليها، وحل في مجالس العظماء، مسوخ آدمية ذات عقائد هلامية تتشكل وفقاً لمقررات مغرضة ومنحرفة صيغت بأقلام الأعداء في عصر سلام الأنعام.
عندما تنحرف شخصية في اعلى مراكز الإرشاد الديني عن جادة الصواب فإننا في مصر غريبة ومشوهة، وليس مصر التي عرفها التاريخ. وعندما يلعق ساستنا أقدام الصهيونية المتبجحة يوما بعد يوم، ويقبلون يدها التي لم تزل تلطخها كل يوم دماء جديدة لمسلمين أبرياء، فإننا نعيش بحقٍ في عصر العفن السياسي. وعندما تصبح مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم بعد أن كانت سلة غلال العالم، فإننا نعيش في عصر الإحتلال الذاتي. وهو عصرٌ يظهر الإحتلال التقليدي بجواره ناصعاً براقاً. وعندما يصبح الجهاد في سبيل رغيف العيش هو أسمى أمانينا فإن تاريخ مصر بكامله يصبح منا براء.
اليوم أيها الشعب الساكت آن لك أن تتكلم، وهذا حقك الطبيعي في العيش وليس منة من محتلي كراسي الحكم ولا تفضلاً. اليوم أيها الجائعون الباحثون عن رغيف الخبز الذي كنتم تطعمونه للدواجن آن لكم أن تزأروا. اليوم أيها المسجونون في سجون الحرية والكرامة آن لكم أن تنالوا العدالة التي ستسطر لكم حكماً بالعزة بعد المهانة وبالرفعة بعد أن كنتم مستضعفين في الأرض. اليوم آن للعالم أن يرى مصر مرة أخرى على خارطة العالم، وليس ثقباً في قلب العالم الإسلامي. اليوم أصبح اللعب مكشوفاً للجميع، وأصبح الإجماع متوفراً، وتوحد الجميع رغماً أو طواعية في طابور المظلومين. اليوم لم تعد هناك خلايا صامتة وخلايا نشطة، اليوم كلنا خلايا مظلومة ومهضومة، اليوم كلنا شعبٌ فاقد لأبسط حقوقه المدنية. اليوم صقلتنا التجربة جميعاً، وعلمنا أن الذي يفرط في صوته اليوم يفرط في عرضه في أول صباح الغد. اليوم يعلم كل مصري حق اليقين، لماذا أصبحت مصر اليوم اسماً على غير مسمى. اليوم آن لنا أن نعيد لمصر مصريتها.
عندما يتاح لك أن تقف أمام صندوق الإقتراع، فقط تذكر انها شهادة في عنقك أمام الله الذى يجب ألا تخشى فيه لومة لائم. تذكر كلَّ وعدٍ عشت عليه ولم يتحقق، وتذكر شباب مصر وعلمائها المسجونون، الذين يتضرعون إلى الله أن يهديك سداد الرأى لتختار لهم ولنفسك ولولدك من بعدك الحرية. تذكر هموم المسلمين الذين ينظرون تجاه مصر قبلة الحرية الأسيرة أن تتحرر كي يتحرروا معها. تذكر أبناء مصر المسرطنين بفساد زراعتها، والجائعين بنقص ثمرتها، والمطرودين بظلم ظالميها. تذكر عقول أولادك أولاد مصر المستهدفة، وخراب تعليمها وخراب اقتصادها وتردي عملتها وتدني خدماتها وضياع أبنائها وبناتها. تذكر قبل ذلك كله معنى شهادة الزور إذا شهدت بغير الحق، وتذكر كتمان الشهادة من الله، إذا لم تشهد ورضيت لأن تكون من المُخَلَّفين. تذكر أنه سيصيبك من وزر كل ظلم نصيباً إذا توليت قوماً ما رعوا في مسلم إلاً ولا ذمة. تذكر قبل ذلك كله، الله. ثم اختر لنفسك. واعلم أن من ابتغى العزة في غير اللع فقد ذل، واعلم أن الحل لكل ما نحن فيه من بلاء، إنما هو الإسلام. سنة الله التي فطر الناس عليها، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولن تجد لسنة الله تحويلاً.

ليست هناك تعليقات: