الاثنين، 17 نوفمبر 2008

كيف تعلم طفلك الرياضيات

لا شك أن العملية التربوية قد نطورت عن ذى قبل، ولا شك أن معلمي اليوم يختلفون كثيراً عن معلمي الأمس. فهناك تطورات سلبية وأخرى إيجابية. ولكن الذى لا نزال نعانى منه هو أن الجانب الأكبر من التطوير يتركز فى المادة العلمية والوسائل التعليمية وليس فى طرق التدريس ومنهجية التعليم. فمثلاً قد نلاحظ أن المعلم قد تغير من كونه يدخل الفصل ومعه الطباشير إلى كونه يحمل قلماً كبيراً، وتغيرت السبورة السوداء لتصبح بيضاء بدعوى الخوف من الكآبة والحرص على صحة المعلم.


وهذا وإن كان تطوراً إلا أنه لا يغنى الطالب فى شىء، بل أدى إلى رداءة الخط نظراً لأن الطباشير أكثر فائدة فى تحسين الخطوط. وأصبح الضرب ممنوعاً فأدى إلى إتخاذ وسائل أخرى للعقاب دون النظر إلى أن عناصر الشخصية تختلف من طالب لأخر، وقد يكون العقاب الأدبى أكثر وقعاً من الضرب أحياناً. فلم تتم ترقية أنواع الردع والعقاب الأدبى كبديل عن الضرب مما دفع بالمعلمين إلى إبتكار وسائل عقابية إرتجالية تؤدى إلى آثار أقوى من الضرب وأشد ضرراً. مثل التكدير والإهانة اللفظية والتقبيح (للإناث) واللعب على وتر الخجل فى المدارس المختلطة كإحراج المراهقين (إحراج البنات أمام الصبيان والعكس) وقد يفضل الطالب أن يُضرب مائة مرة ولا يتعرض لمثل هذه الأساليب التى قد تتطرق إلى خدش الحياء أحياناً. وهذا من مثالب المنع دون توفير البديل.

وما نهدف إليه فى بحثنا هذا هو التركيز على أن التطوير يجب أن يركز بشكل أساسى على طرق التدريس. وذلك بتشجيع البحث فى ذلك الجانب إلى درجة منح براءة الإختراع للفكرة المميزة. فالإختراع الأدبى قد يكون أكثر فائدة للمجتمع من الإختراعات المادية فى بعض الأحيان. ويجب أن توضع عقلية الطفل ومستوى ذكائه موضع الإعتبار ولا يُعامل الطفل على أنه ساذج ومحدود المعرفة. فبعض الأطفال قد يطور طرق تعلم ذاتية تصل به إلى نتائج متقدمة غير متوقعة وسابقة لمرحلته بكثير. وتكون معاملته باستهانة هى أكبر ضربة توجه إلى تطلعاته وحبه للمعرفة وبالتالى إلى مستقبله ككل. ومن هنا فطرق التدريس يجب أن تنضح لتوازن التطور فى المادة التعليمية ووسائل التعليم.

فمثلاً لايزال تعليم الرياضيات يعتمد فى مدارسنا على حفظ المعادلة وتطبيقها والتدرب عليها دون أن يعنى بأهمية هذه المعادلات للطالب الطفل، ولا مدى إستفادته العملية من تلك النظريات التى من الممكن أن يتفوق فيها دون أن يعيها على المستوى التطبيقى. وقد كنت قد تعرضت لمشكلة لدى أحدى الأسر الصديقة والتى أنعم الله عليها بطفل ذكى. وكانت المشكلة هى أنه يتوقف إهتمامه بالمادة الدراسية على فهمه لها من الوجهة التطبيقية، وكثيراً ما كان يسأل ماذا سأفيد من هذه أو تلك. ورغم محاولات أبويه الدؤوبة إلا أن الطفل لم يجد ما يقنعه بجدوى تعلم المعادلات الآنية فى متغيرين. فهو يقول ماذا سنجنى من معرفة سين أو صاد وقيمة كل منهما. وكانت تعتبر أكثر الموضوعات مللاً بالنسبة إليه. وطلب منى أبواه إقناعه بطريقة مختلفة.

ذهبت إليهم فى يوم أجازة وتحينت لحظة صفو كان الطفل يلهو فيها. وبدأت فى سرد الفكاهات والطفل يضحك ويقترب شيئاً فشيئاً من مصاحبتى والأنس بي. ثم غيرت إلى الأحجيات البسيطة وهو يحاول حل بعضها ويعجز عن البعض. ثم دسست له أحجية بسيطة كانت: عدد من العصافير فوق شجرة وعدد آخر تحتها. فإذا هبط عصفور إلى أسفل تساوت المجموعتان، أما إذا صعد عصفور لأعلى، أصبح عدد العصافير أعلى مساوياً لمثل عدد العصافير فى أسفل الشجرة. فكم عدد كل منهما؟. وعبثاً حاول الطفل ثم اجتهد بعد أن ألهبت المسابقة بجائزة مغرية. وبعد أن أتعبنى بإلحاحه أن أساعده فى حلها. طلبت منه ورقة وقلم. وكانت المرة الأولى التى يسعد فيها بمثل هذا الطلب(على حد قول والده). وبدأت أفترض السين والصاد، والمعادلة الأولى والمعادلة الثانية. ولمحت فى عين الطفل ندماً على إهمال تعلم هذه المعادلات. ثم خرجنا بالحل معاً. وبحماس واضح لدى الطفل تجاه تعلم المعادلات الآنية فى متغيرين. لقد تغير الأمر تماماً، والسبب هو تغيير طريقة التدريس فقط. فهل عرفت كيف تعلم طفلك الرياضيات؟

بالطبع ليس مطلوباً من الأبوين القيام بمهمة التعليم في مناهج قد لايكونوا يعلمونها، اما بسبب التغيير المتواصل في المناهج، واما بسبب أنهم لم يتعلموا بالأمس ما يتعلمه اولادهم اليوم. ولا عيب في ذلك، فهذه ف الحقيقة هي مهمة المعلم الذي يجب أن يكمل دور الأسرة في تعليم الطفل. والدعوة هنا موجهة إلى مطوري التعليم، لكي يلقوا وراء ظهورهم بالساليب التقليدية، ولا ينكبوا على الأساليب المستوردةن وأن يفتحوا الباب أمام البحث العلمي المتراكم، والذي يركز على الطفل المصري بوجه خاص، والذي يتكون مفهومه وفقاً للمعيارية الإسلامية والعربية والمصرية على الترتيب. وليكن تعليم الطفل نابعاً من الموروثات الثقافية والبيئة التي تحيط به، وليس من بيئة مشوهة أخلاقياً، أو توجيهات تدميرية غربية تصل بنا في النهاية إلى نفس الهاوية التي يهوي فيها التعليم الأميركي الآن. فهل هم منتهون؟

حل الأحجية

المعادلة الأولى: س – 1 = ص + 1

المعادلة الثانية: س + 1 = 2(ص - 1)

الحل: (س ، ص) تساويان (7 ، 5)

ليست هناك تعليقات: